التغطية بقلم و عدسة محمد لبيهي
نظمت منظمة حريات الاعلام و التعبير، يوم الأربعاء 09 مارس 2011 على الساعة الخامسة مساء، ندوة تواصلية عرفت حضورا مكثفا غص به نادي المحامين بحي المحيط بالرباط، تحت عنوان: ” الاعلام و حركة 20 فبراير” وقد كان ضيفا على مائدة النقاش كل من:
ـ العربي المساري، وزير إعلام ونقيب سابق للصحفيين المغاربة.
ـ نجيب شوقي، أحد المدونين المغاربة الشباب، وصحفي في جريدة "لكم " الالكترونية، وناشط في حركة 20 فبراير.
ـ محمد عباسي، صحفي مغربي
ـ محمد العوني، صحفي مغربي ورئيس منظمة حريات الاعلام والتعبير، وقد قام بتسيير الندوة.
وكان العربي المساري هو أول المتدخلين وقد افتتح كلمته بتوجيه النقد الى الاعلام العمومي الذي عمل على تجاهل وطمس دعوة وتظاهرات حركة العشرين من فبراير، وهو شيء متوقع ومنتظر من اعلامنا السمعي والبصري الذي هو في قطيعة مع الواقع المغربي، على حد تعبير المتدخل مضيفا أنه كانت هناك مخاوف من وقوع انزلاقات، أو أن تقوم جهات معينة بالركوب على موجة الحدث. واضاف المساري ان العشرينيون بدأوا يفرضون أنفسهم على الواقع مع ظهورهم في برنامج "حوار" وأعرب عن دعوته الى التعامل معهم كفصيل متميز في المجتمع المدني..وأضاف المساري ان قوات الأمن تعاملت بحذر مع الموضوع مما يدل على أن المخزن بدأ يدرس استيعاب المتغيرات الجديدة وذلك شيء جميل على حد وصف المتدخل، معترفا أن المخزن يخاف من الأصداء الآتية من الخارج، و يتخوف من تأثيراتها على السمعة والسياحة والقروض الاجنبية، ولم ينس أن يضرب لذلك مثلا بما كانت تتعرض له صحيفته من المنع عندما كان نقيبا للصحفيين، فيضطر الى الاستنجاد بالعواصم الغربية كبروكسيل ونيويورك للضغط الفوري لاطلاق سراح الصحيفة في نفس اليوم احيانا ! وختم المساري كلمته بان المغاربة لا يخشون من طرح مشاكلهم علانية، وان حركة العشرين ربما ستكون أكثر تنظيما و إحكاما..و كان المساري قد عبر عن موقفه مما يجري قائلا: "المخزن يحاول التصرف بأقل الأضرار..والفاعلون المحتجون خاصهم يفهموا راسهم.."
ـ وكان المتدخل الثاني هو الصحفي محمد عباسي الذي افتتح مداخلته بالاعتراض على تسمية الاعلام العمومي بذلك الاسم، و انه لا يناسبه الا الإعلام التابع لأجهزة الدولة، وانه في الواقع ليس هناك مدير أو وزير فعلي للإعلام بل هناك تعليمات مباشرة وحتى التعيينات هي بالتعليمات أيضا، مضيفا ان الاعلام المغربي لا يتغير وإن استجاب، فللمطالب الشكلية فقط..ثم انتقل بعد ذلك ليؤكد ان المعركة الآن ليست نقابية بل معركة المجتمع كله، مطالبا بمحاسبة المسؤولين وإزالتهم بسبب فسادهم ورداءة المنتوج الاعلامي، وداعيا في الوقت نفسه الى إحداث هيئة مستقلة انتقالية للإشراف على تأهيل الاعلام العمومي وصياغة تصور استراتيجي لأجل إعلام حر وحداثي..مؤكدا على ضرورة اعادة هيكلة "لاهاكا" على أسس ديمقراطية دون محسوبية بل على قاعدة المهنية والكفاءة والنزاهة..وختم محمد عباسي مداخلته بتوجيه دعوة عامة لحضور وقفة احتجاجية بزنقة لبريهي أمام مقر التلفزة العمومية وذلك يوم الجمعة على الساعة 10:30 .
ـ وكانت أبرز المداخلات تلك التي ختم بها الصحفي والمدون العشريني نجيب شوقي، الذي افتتح مداخلته بالاعتراض على تسمية الشباب المحتج ب"حزب الفيس بوك" واعتبر أن الإنترنت كسرت حاجز الرقابة على الصحافة، مستدلا باحصائيات تشير الى رقم 12 مليون مغربي يصلون الى الانترنت، 3 مليون من بينهم مسجلين في المواقع الاجتماعية كالفيس بوك، حيث بات الشباب يتبادل أفكاره في منأى عن الرقابة، وهو الآن يدافع عن نفسه عبر مجموعة من الآليات ضد حملات التشويه الاعلامية الموجهة. ثم عرج المتدخل بعد ذلك على تجربة الصحافة الالكترونية كمولود جديد في المغرب فتح مجالا اوسع للتعبير امام القراء، واستشهد بتجربتين متميزتين على حد وصفه لكونهما من تأسيس صحفيين محترفين ومعروفين تركوا مجال الصحافة الورقية ومنهم الصحفي أنوزلا والصحفي نجيم، وذكر أيضا بتجربة هسبريس الأكثر مقروئية في المغرب رغم بعض ملاحظاته عليها والتي لم يثرها في مداخلته. ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن الهجوم الممنهج الذي تعرضت له حركة 20 فبراير والتهم الموجهة لها من قبيل التخوين والطعن في العقيدة و العمالة للبوليزاريو حينا وللإسبان حينا آخر وذلك بفبركة الصور كوضع صورة لإحدى الناشطات مع صورة محمد عبد العزيز، والصاق صورة لاحد الشباب بمقر لاحدى الكنائس على أنه مسيحي..وخلص نجيب الى فشل الحملات الموجهة ضد المسيرة والتي ساهمت فيها لاماب بإعلان احصائيات مكذوبة، وأن ذلك يدل على ان اعلامنا انما يخدم الحزب الوحيد في المغرب أي حزب المخزن على حد تعبير المتدخل وأن استمرار المضايقات وعدم استضافة النشطاء في الاعلام بل استغلال الاعلام الخاص لضرب الحركة، كل ذلك يزكي حقيقة واحدة اننا تحت حكم مطلق و في دولة ديكتاتورية مستبدة تتحكم في كل شيء..وعاد المتدخل بعد ذلك ليؤكد ان شباب الحركة استطاع فعلا تكسير الحصار بكاميرات هواتف بسيطة استطاعت ان تصور كل الاعتداءات والخروقات وتعرضها للتشارك في الفيس بوك و يطلع عليها المغاربة المتعطشون لمعرفة ما يجري في البلد بعد أن ملوا الخطاب الرسمي وقاطعوه..ثم اردف الناشط نجيب على أن من واجب الصحافة اليوم أن تتبنى مشاريع التغيير بدل التركيز على التغطيات فقط، وأننا في جريدة "لكم" قد أعلنا صراحة تضامننا مع التغيير، وفتحنا المجال للجميع يؤكد المتدخل..
ـ وبعد انتهاء كلمات المتدخلين كان الصحفي المسير محمد العوني موفقا أثناء تدخلاته و اشرافه على تسيير الندوة التي مرت في جو من الجدية والحماس والتفاعل مع المتدخلين، وقد حضرها عدد من الاسماء المعروفة لفاعلين جمعويين و ناشطين حقوقيين وأساتذة و اعلاميين بالاضافة الى الحضور الملفت لأسماء نسائية، و لوجوه شبابية مغربية من كل الأطياف المنتمية أو المتعاطفة مع حركة 20 فبراير.. وقد سجل المسير لائحة متنوعة و مطولة بأسماء الكثير من الحاضرين الراغبين في طرح الأسئلة و اثراء النقاش وانصبت كلها حول ما أثاره المتدخلون من ادانة وانتقاد للاعلام العمومي وسياسات الدولة المخلة والمهينة للقطاع الحيوي فضلا عن اعراب المتدخلين عن تأييدهم لجهود الحركة و تصوراتهم ورؤاهم المتنوعة للسير قدما وبشجاعة لاحداث التغيير المنشود في البلاد عبرالحراك المجتمعي..
وكانت من أكثر المداخلات جرأة و طرافة كلمة لاحد المتدخلين الشباب، خلاصتها: انه و إزاء حب الشعب للملك، فإن السؤال الجوهري الذي ينبغي طرحه فعلا هو: هل الملك يحب شعبه فعلا ويبادله نفس الشعور؟ وإلا كان الأمر من الوجهة العاطفية مؤلما و غير منصف لأن الحب من جهة واحدة هو أمر محزن ومؤسف للغاية..!
و قد كانت ردود ضيوف الندوة محاولة للاحاطة بأبرز المداخلات، نذكر من بينها بعض تعقيبات الصحفي نجيب شوقي كالتالي:
انه وفي إطار التفاعل مع 20 فبراير فقد تقررتنظيم يوم وطني للإحتجاج على سياسات الإعلام العمومي. وأنه يجب على المخزن الآن أن يفصح للشعب عن خطاباته دون غموض، ويتجنب الإيماء والإيحاء الذي بات يحتاج الى "شوافات" لفك ألغازه..وفي رد له على سؤال حول وسائل حركته الشبابية في الحوار مع السلطة، نفا نجيب شوقي بشكل قاطع نية الحركة في اللجوء الى أية وسائل غير مجدية من قبيل التفاوض أو الاتفاقات الثنائية أو غيرها مشددا على الاحتجاج كوسيلة وخيار وحيد لتبليغ رسالة الشباب الغاضب..ولم ينس المتدخل أن يدعو الشباب الى ابداع وسائل جديدة، وأشكال دفاع ذاتية كراديو الانترنت والويب تيفي وغيرها زيادة على الوسائل المعروفة كالمدونات والمواقع الاجتماعية التفاعلية، وختم تعقيبه برسالة تشجيعية قوية مفادها أن نفس المسار المصري والتونسي ينتظر المغاربة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق