اهلا وسهلا بزوارنا الكرام.. تفاعلكم مع المدونة تشريف لنا و دعم لجهود التدوين العربي..أشكركم على ايثارنا بهذه بالزيارة..

الاثنين، 2 يوليو 2012

شقائق الرجال في التدريب

حوار مع نعيمة الأنيق

 http://www.aljazeeratalk.net/node/9312

محمد لبيهي ــ الجزيرة توك ــ الرباط
 
       

















  يعتبر انخراط البلدان العربية في مشاريع التنمية البشرية متأخرا كثيرا بالمقارنة مع الدول المتقدمة، التي اكتشفت مبكرا أن تحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي والتقني لا يمكن أن يتأتى إلا بالرهان على تأهيل العنصر البشري ووضعه على رأس الأولويات، و من هنا كان لابد من التوسل بمختلف برامج و دورات التكوين والتأهيل العلمي والنفسي والمعرفي للموارد البشرية، في ما بات يعرف ببرامج التنمية الذاتية، وقد ظهرت للوجود عدة تجارب حكومية ومدنية متفاوتة المردودية في كل البلدان العربية تقريبا.
 ومن المغرب.. سنتعرف على جوانب من مهنة التدريب في التنمية الذاتية، عبر تسليط الضوء على تجربة شبابية ونسائية ناشئة، مع المدربة نعيمة الأنيق، وهي من مواليد 1981م بالرباط، وحاصلة على الإجازة في الدراسات الإنجليزية من جامعة محمد الخامس، وتعمل الآن في إطار المشروع العربي "سفراء التنمية" كمدربة معتمدة لدى المركز البريطاني ILLAF train، ومعتمدة في التخطيط الاستراتيجي الشخصي من الأكاديمية الدولية للتدريب الشخصي والتطوير القيادي (كندابالإضافة إلى أنها ممارِسة في البرمجة اللغوية والعصبية معتمدة لدى المركز البريطاني، وممارسة معتمدة لدى مركز دبي في التعلم السريع.
وكان لنا معها هذا الحوار:

ــ الجزيرة توك: المدربة نعيمة الأنيق، شكرا على الاستجابة لإجراء هذا الحوار، وأود بدايةً أن تحدثينا عن تجربتك الشخصية مع عالم التدريب و التنمية الذاتية، أو لماذا اخترت أن تكوني مدربة؟

نعيمة الأنيقبداية أشكرك أستاذ محمد، مراسل الجزيرة توك على دعوتكم لإجراء هذا الحوار، و بخصوص سؤالك، فاهتمامي بمجال التنمية الذاتية والتدريب بدأ منذ سنة 2008م، حيث حفزتني قراءة عدة كتب من أبرزها كتابان في هذا المجال، الأول باللغة الانجليزية للكاتب الأمريكي "دايلكارنيجي" تحت عنوان كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناسوالثاني للدكتور محمد العريفي "استمتع بحياتكوهنا اكتشفت الأمر الذي صنع الفارق عندي وهو أن الحديث عن تنمية الذات يحتاج أولا إلى هوية وانتماء روحيين، ففي كتاب "كارنيجي" كان الاهتمام بالعنصر البشري فارغ من الروح، وأقصد هنا تلك العلاقة التي تجعل للإنسان رابطا بين الحياة الدنيا وما بعد الحياة.
فصاحب الكتاب الذي كان يدعو إلى الرقي في المعاملات مع بني البشر، كانت نهايته الانتحار لغياب هذا الجانب الروحي الذي ذكرت سابقاً، فجاء كتاب " استمتع بحياتك " للدكتور العريفي ليوضح لي أكثر أن الجانب الروحي يضفي نكهة خاصة أساسية في مجال التنمية الذاتية، ألا وهي صلة الوصل بين مطلب المتعة في الحياة الدنيا، و في العالم الأخروي، وذلك عبر توطيد الصلة بالخالق سبحانه.. ولذا قررت بعد مطالعات وتأملات أن أقدم شيئا لنفسي ولبلدي بأن أواكب توجه العالم الذي بدأ منذ عقود في الاهتمام بالعنصر البشري وتطوير قدراته وتنميتها، ومن ثم الإسهام في نهضة الأمم والمجتمعات، والحمد لله وُفـقت في الاستفادة من دورات التدريب والتكوين الضرورية لتأهيل المدربين، وفي هذه السنة كانت الانطلاقة مع مشروع سفراء التنمية.

ــ الجزيرة توك: عادة ما تتطلب الدورات التدريبية تكلفة مرتفعة نسبيا بالقياس إلى قدرات الفرد في المغرب وفي الكثير من البلدان العربية حتى أن البعض لا يراها إلا ترفا فكريا زائدا، برأيك ما هي الحلول التي يمكن أن تقدمها دورات التنمية للمواطن العربي في ظل ما يعيشه اليوم من أوضاع متردية؟

نعيمة الأنيق:   نلاحظ جميعاً أن الحراك في عالمنا العربي اليوم، هو أكبر دليل على الإرادة والرغبة القويتين في التغيير والتحرر من رقبة الفقر والتخلف والفساد؛ وتغير المجتمعات لا يتم إلا بتغير الأفراد كما نفهم ذلك من القرآن الكريم في قوله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهمولعل دورات التنمية الذاتية وانتشارها عبر الوطن العربي ليس من قبيل الصدفة، فالمواطن العربي أصبح على وعي تام بأن مستقبله المشرق رهين بنظرته الإيجابية لنفسه ولغيره، وهذه التوعية تعتبر من أولويات دورات التنمية الذاتية، حيث أنها تشخص واقع الفرد، ثم تحفزه وتحرك إرادته ليتطلع إلى غد أفضل، حتى لا يبقى سجينا لأي واقع لا يرتضيه.. وهذا يفند التصور السلبي الذي لا يرى في دورات التنمية الذاتية سوى مجرد ترف فكري زائد كما أشرتَ.

ـ الجزيرة توك: ما تقييمك لتجربة المرأة المغربية في مجال التدريب، و ما هي المعيقات أو الإكراهات التي قد تحول دون اقتحام المرأة لهذا الميدان الذكوري غالبا؟

نعيمة الأنيق: أرى أن مجال التدريب مجال حيوي، ويفتقر إلى المنافسة النسوية في بلدنا الحبيب المغرب، فعندنا بالفعل عددا من المدربات ينشطن في هذا المجال، لكن نسبتهن ضئيلة جداً مقارنة مع نسبة المدربين المغاربة، ومن وجهة نظري فهذا الأمر ناتج عن سببين رئيسيين: أولهما أن التدريب يحتم عليك فتح شبكة علاقات كبيرة داخلية وحتى خارجية، فالعلاقات في ميدان التدريب تعني فرص التواصل والارتقاء، والكثير من النساء في المغرب، يفضلن شبكة محدودة من العلاقات، اللهم إن كانت طبيعة عمل المرأة تحتم عليها الاحتكاك بمختلف شرائح المجتمع داخل وحتى خارج المغرب.
والسبب الثاني يعود إلى أن مهنة التدريب تحتاج في بعض إن لم نقل أغلب الأحيان إلى سفر وتنقلات كثيرة، وهذا قد يؤثر على استقرار المرأة الأسري إما سلباً أو إيجاباً، حسب طبيعة ظروفها الشخصية طبعا.. لكنني متفائلة دائما بقدرة المرأة المغربية على أن تضطلع بدورها في هذا المجال الحيوي بكل كفاءة ومصداقية..

ـ الجزيرة توك: هل تعطينا لمحة عن مشاريعك المستقبلية عموما، و بالأخص فيما يتعلق بالنهوض بأوضاع المرأة المغربية؟

نعيمة الأنيق: بالنسبة لي فأنا مدربة حديثة العهد، وقد اقتحمت مجال التدريب مع إطلاق مشروع سفراء التنمية بالمغرب، وهو مشروع يهدف إلى إيجاد ألف مدرب محترف في العالم العربي، أما عن مشروعي الحالي إلى نهاية شهر يوليو فهو تدريب مائتين وخمسين شخصاً على دورة "التخطيط الاستراتيجي الشخصي" تدريباً مجانيا لا يكلف سوى رسوم الشهادة المعتمدة من الأكاديمية الدولية للتدريب الشخصي والتطوير القيادي بكندا، وعلى ذكر النهوض بأوضاع المرأة المغربية، فدورتي المقبلة هي مخصصة لمنظمة تطوير المقاولات النسوية بمدينة الدار البيضاء، حيث سأوضح من خلالها كيف يمكن للمرأة المقاولة أن تضع خطة إستراتيجية شخصية للنجاح في عملها، وفي جميع مجالات الحياة بإتباع خطوات معينة لتحقيق أهدافها وأحلامها الشخصية..

ـ الجزيرة توك: أنت منكبّة هذه الأيام ضمن مدربين آخرين، على تحقيق عدد من الأهداف التي رسمها مشروع سفراء التنمية لصالح البلدان العربية، هل تعطينا لمحة عن طبيعة و حجم هذا المشروع التنموي العربي، وما هي الأهداف التي يروم تحقيقها في المغرب؟

نعيمة الأنيق: سفراء التنمية هو أكبر مشروع تدريبي تنموي تطوعي في الوطن العربي، تم إطلاقه في أكتوبر 2011م برعاية الأكاديمية الدولية للتدريب والتطوير القيادي بكندا، وذلك تحت إشراف المدرب الجزائري محمد مايمون وعدد من المدربين العرب، و كانت انطلاقة المشروع في المغرب في التاسع من إبريل 2012م، ويهدف المشروع إلى تدريب الشباب العربي على وضع خطة استراتيجية شخصية لحياتهم بأقل التكاليف الممكنة ضمن مبادئ الجودة والإتقان والتعاون.
ففكرة سفراء التنمية تهدف إلى تكوين عدد من المدربين في مجال التنمية البشرية ينالون الرعاية الكاملة من المشروع من خلال برامج التدريب المستمر، والمتابعة، والدعم والترشيح للتدريب الدولي، وغير ذلك مع ضمان إعدادهم إعداداً جيداً لتدريب الشباب على أدوات القيادة الرشيدة، والتأثير الايجابي في مجتمعاتهم.

ـ الجزيرة توك: برأيك ما هي الأدوار "العاجلة" التي يمكن أن تضطلع بها مشاريع التنمية الذاتية في ظل الثورات والمتغيرات السياسية والمجتمعية التي تعرفها الدول العربية؟

نعيمة الأنيق: (تضحك وترد): "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة " وما يحدث من ثورات ومتغيرات سياسية ومجتمعية تعرفها الدول العربية، هو مجرد مخاض مرحلي يسبق عملية الولادة الجديدة على مستوى الدول العربية "النامية" وشعوبها المطالبة بالتغيير، وإسقاط الفساد والاستبداد، وأما عن أدوار مشاريع التنمية الذاتية فيمكن اعتبارها عاملا مدنيا مساعدا في إنجاح هذا المخاض، وتحفيزه حتى يصل إلى النهايات الصحيحة، ولا يشترط أن تكون إستعجالية، لأن عملية التغيير السلمي المدني تحتاج وعيا شعبيا، وإرادة جماهيرية في التغيير، وهذا من صلب أولويات التنمية الذاتية، وأهمية السرعة في الزمن لا ينبغي أن تكون على حساب تحقيق الأهداف بشكل مضمون..

ـ الجزيرة توك: هل يمكننا القول أن التدريب استطاع أن يصبح مهنة مكتملة الشروط تضمن لصاحبها وضعا ماديا واعتباريا كريما ومستقرا، أم أن الأمر لم يصل بعد إلى ذلك المستوى في بلد كالمغرب؟

نعيمة الأنيق: أية مهنة تحتاج إلى تخصص، فمصطلح أستاذ مثلاً يطلق على كل من يلج مجال التدريس، لكن المهم هنا هو ماذا يدرس بالضبط.. كذلك المدرب فتخصصه وإن كان في مجال التنمية الذاتية أو البشرية، فيحتاج إلى تحديد وتعريف أكثر وأوضح، وبالنسبة لي فالمدرب يمثل مصدر رزق نفسه الوحيد بعد الله تعالى، حيث أن عدداً كبيراً من المدربين المغاربة يشتغلون لحساب أنفسهم دون دعم مادي من أية جهة، وربما لم تصل بعد مهنة التدريب عندنا إلى أوج المستوى الذي أشرتَ إليه، لكن شرط المدرب هو التفاؤل غير المفرط والإيجابية، فالمستقبل المشرق بالنسبة له يعيشه يومياً، ويسعى ليعيشه الناس معه كذلك، مما يضمن له ربما استقرارا نفسياً أكثر منه مادياً، وهذا أمر في غاية الأهمية.

ـ الجزيرة توك: خيرا، هناك تشابه ما بين مهنة الإعلامي ومهنة المدرب، بحيث أن كلاهما رجل اتصال وتواصل ومحتاج للتألق أمام جمهوره، ماهي ملامح الخطة الاستراتيجية الشخصية التي تنصحين بها الإعلاميين الشباب لبلوغ النجاح؟

نعيمة الأنيق: لكل راغب في النجاح عموما، وللإعلاميين الشباب خاصة، لا بد من وضع خطة استراتيجية شخصية تحتاج اختصارا لثلاث مراحل لتحقيق طموحاتهم:
ـ أولا: تشخيص الحال أو الواقع الاجتماعي والمهني، ثم جرد المؤهلات النفسية والمعرفية والإعلامية للشباب، ولابد أن يبنى هذا التشخيص على ضوء تحديد الهوية، والانتماء، والقيم، ومصادر النجاحات وغيرها من الأمور التي تشخص الحالة الراهنة، حتى يتمكن الإعلامي من معرفة الأدوات والوسائل التي ستحفزه في عمله.
ـ ثانيا: مرحلة التهديف، ويتم فيها تحريك الإرادة ثم البدء في وضع الخطة الشخصية كتابة على مذكرة مفصِّلة، يتم فيها تسطير عدد من الأهداف العملية الطموحة، والمتسلسلة منطقيا، عبر مراحل زمنية محسوبة، حتى لا ينحرف أو ينزل العمل والأداء عن مستوى الرؤية المسطرة مسبقا.
ثالثا: الشروع بكل ثقة في تنفيذ الخطة بعد معرفة الوسائل اللازمة لتحقيق أهداف الإعلامي الشاب حسب مؤهلاته و إمكاناته، ثم متابعة وتقييم حصيلة النجاحات والإخفاقات عند كل محطة أو خطوة يخطوها في سبيل إنجاح خطته الإستراتيجية الشخصية، ومن نافلة القول أن على الإعلامي الناجح أن ينخرط كلما سنحت الفرصة في دورات التطوير و التدريب التي يحتاجها للرفع من جودة أدائه وتألقه الإعلامي..


الجزيرة توك: في ختام هذا اللقاء، لا يسعني إلا أن أشكر المدربة نعيمة الأنيق على هذه الإفادات، وأرجو لك التوفيق في مسارك التدريبي إن شاء الله.