اهلا وسهلا بزوارنا الكرام.. تفاعلكم مع المدونة تشريف لنا و دعم لجهود التدوين العربي..أشكركم على ايثارنا بهذه بالزيارة..

الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

صوت الشعب لا يرفعه إلا إعلام حر

محمد لبيهي ـ الجزيرة توك ـ المغرب
 http://aljazeeratalk.net/node/8359                                                                  














في إطار الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب وفي ظل المضايقات المستمرة التي يعاني منها المدونون والصحفيون، أعلنت جمعية المدونين المغاربة إطلاق حملة "أيام الحريةوذلك ابتداء من يوم الخميس 18 أغسطس-آب الجاري حتى يوم الأحد 21 منه، تحت شعار:"صوت الشعب لا يرفعه إلا إعلام حر".وبهذه المناسبة الإعلامية، أجرت الجزيرة توك حواراً حول الموضوع مع عبد الصمد المساتي الكاتب العام و الناطق الرسمي باسم جمعية المدونين المغاربة:

1  ـ الجزيرة توك: مرحبا بك عبد الصمد في هذا اللقاء الوجيز مع الجزيرة توك، بداية ماهي ظروف و دواعي تنظيم حملة "ايام الحرية
ـ عبد الصمد المساتي: بداية أشكر الجزيرة توك على هذا اللقاء الطيب، وبخصوص حملة "أيام الحرية" وفي ظل التطورات التي يعرفها المشهد المغربي بعد ربيع الثورات العربية، فقد جاءت المبادرة لتسلط الضوء على واقع التدوين والعمل الإعلامي الإلكتروني، الذي بقدر ما يعرفه من نهضة في معالجة هموم المواطن وقضاياه الأساسية بكل الوسائل والآليات، بقدر ما يعاني من التضييق والحصار والقمع الممنهج، بل وحتى المتابعات القضائية؛ لذلك ننظم هذه الحملة كمبادرة جماعية تتضافر فيها كل الجهود من أجل خدمة الأهداف الكبرى التي من أجلها أسست الجمعية وعلى رأسها الدفاع عن حرية المدونين والمدونات في التعبير والرأي.

















2 ـ الجزيرة توك: منذ تأسيس الجمعية في ابريل 2009 راهن الكثيرون على ما وعدت بإنجازه لكن يلاحظ أنها لم تكن حاضرة بقوة في الآونة الأخيرة، هل لك أن تحدثنا بإيجاز عن حصيلة نشاطات الجمعية منذ تأسيسها؟
ـ عبد الصمد المساتي: الجمعية كانت حاضرة في كل هموم الوطن وقضاياه، وقد نظمت مجموعة من الأنشطة والحملات المختلفة، ونذكر على سبيل المثال حملة "مدونون ضد الفساد الانتخابي"، وحملات التضامن مع المدونين والصحفيين وعلى رأسها "أسبوع الحداد"، لكن مع ذلك فإنها تبقى دون مستوى طموحات الجمعية، لأننا كنا ننتظر أن نقوم بأنشطة واقعية بعد حصولنا على الوصل القانوني الذي تمتنع السلطات إلى الآن من تمكيننا منه؛ لذلك قررنا في آخر اجتماع للمكتب التنفيذي تجاوز هذا الاعتبار وفرض ذواتنا في الميدان ما دامت الجمعية تحوز الشرعية الواقعية، وحملة "أيام الحرية" وما يليها من أنشطة وفي مقدمتها حفل "التقييم والتكريم" في سبتمبر- أيلول المقبل، تعتبر أولى ثمار هذا القرار.

 3 ـ الجزيرة توك: تحدث بلاغ الجمعية الأخير عن ما يسمى "النضال الرقمي"، ومن خلال متابعتكم لأهم نشاطات التدوين، إلى أي حد استطاع المدونون المغاربة أن يسهموا في هذا النضال؟ وما مدى تأثر التدوين في المغرب بفلسفة وتظاهرات شباب 20 فبراير؟
عبد الصمد المساتي: المدون المغربي قبل كل شيء، مواطن يعيش ما يعيشه غيره في وطنه، ويعاني كما يعاني غيره، ويتألم لما يتألم منه، فلا غرابة أن ينضح بما فيه من إرداة قوية وعزيمة تنتفض ضد كل أشكال التسلط والاستبداد، ويناضل واقعياً كما يناضل رقمياً في العالم الافتراضي من أجل حقوقه الإنسانية المكفولة بكل القوانين والشرائع، وعلى رأسها حرية التعبير والرأي، والكرامة، والعدالة الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق فالمدون المغربي يبدع بحسب مؤهلاته، وقدراته، ومعارفه، ونضجه الفكري والسياسي، بالطريقة والوسيلة التي يراها مناسبة ليعبر بالصوت والصورة والكلمة والقلم والريشة والألوان عما يخالجه من أفكار تحررية تخلصه من ربقة الاستبداد والقهر الجاثم على صدره.
 















ـ الجزيرة توك:  يرى بعض المدونين أن لا فائدة من "مأسسة التدوين" وأن التسابق نحو تأسيس الجمعيات إنما هو تسابق نحو الزعامات وتكريس لواقع البيروقراطية، و قد يتسبب في وضع قيود إدارية أو "مخزنية" على نشاطات المدونين. ما رأيكم في هذه التحفظات؟ و ماذا أعددتم  لتفادي الوقوع في مثل هذه المحاذير ؟
ـ عبد الصمد المساتي: لا شك أن المتتبع لمسار الجمعية يستحضر ما بذله مجموعة من الشرفاء الذين نحييهم عالياً عبر هذا اللقاء على ما بذلوه من أجل ميلادها وتأسيسها، وما يبذله اليوم من ندبوا أنفسهم لخدمة مشروعها وتحقيق أهدافها، ولا أعتقد بالمرة أن هناك تسابقاً على الزعامة لأنها مسؤولية بالأساس، وتكليف أكثر منه تشريف، ثم إن الجمعية قررت في آخر اجتماعاتها - وصدر في ذلك بلاغ- أن من الأمور الأساسية لنهضتها التدبير الجماعي لهياكلها ولجانها التي تفتح أبوابها لكل الراغبين في الانخراط والمساهمة في تطوير الجمعية.
أما ما ذكرت بخصوص التحفظات، فالجمعية ليست وصية على المدونين والمدونات حتى تضع قيوداً تحد من حريتهم وخصوصياتهم، بل هي تجمع يسعى إلى لم شتات العمل التدويني، وخدمة الأهداف المشتركة، على شاكلة ما نقوم به في حملتنا هذه.

 5 ـ   الجزيرة توك: هل تنسقون مع أية جمعيات أخرى تنشط في بلدان عربية أو غربية و تشاطركم نفس الاهتمامات؟
ـ عبد الصمد المساتي:  الجمعية رسمت منذ التأسيس خطها الذي تراه كفيلاً بتحقيق أهدافها، متخذة في ذلك عدداً من الوسائل والتدابير، ومنها التعاون والتشارك مع مختلف الجمعيات والهيئات التي لها نفس الاهتمام أو نتقاطع معها في الأهداف أو الوسائل على المستوى المحلي والعربي والدولي، ومسارنا في ذلك ماض بخطى ثابتة، و نرجو أن نجني ثمارها في المستقبل القريب.


6 ـ  الجزيرة توك: أخيرا عبد الصمد، ما هي الرسالة التي تريد "حملة أيام الحرية" أن تبلغها الى القراء و المدونين العرب؟
   ـ عبد الصمد المساتي:  الحملة هي رسالة واضحة لكل من يهمه الأمر أن الاستبداد مهما طغى وتجبر، والفساد مهما انتشر واستأسد فإن مآله إلى زوال، لأن إرادة الشعوب وعزيمتها وإن ضعفت فإنها لا تموت وأنه لا محالة أن يخرج من أصلاب شعوبنا من يناضلون ويصدعون بكلمة الحق، ويعبرون عن آرائهم ومواقفهم بكل جرأة وإقدام وفي مقدمتهم النخب المثقفة، ونساء ورجال الإعلام الحر، ومنهم المدونات والمدونين في المغرب و العالم العربي، ولذلك رفعنا لحملتنا  شعار: "صوت الشعب لا يرفعه إلا إعلام حر".

الجمعة، 19 أغسطس 2011

المدونون المغاربة يطلقون حملة" أيام الحرية"



المدونون المغاربة يطلقون  حملة" أيام الحرية"


في إطار الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب وفي ظل المضايقات والمتابعات القضائية المستمرة التي يعاني منها المدونون و الصحفيون، أعلنت جمعية المدونين المغاربة إطلاق حملة "أيام الحرية"، وذلك ابتداء من يوم الخميس 18 غشت 2011 إلى غاية يوم الأحد 21 منه، تحت شعار:"صوت الشعب لا يرفعه إلا إعلام حر".
و نشر موقع "اكابريس" تصريحا  لعبد الصمد المساتي الكاتب العام للجمعية قال فيه "إننا نسعى من خلال هذه الحملة الى تسليط الضوء على ما يعانيه الجسم الإعلامي بصفة عامة في المغرب من رقابة وتعسف من قبل السلطات في مقاربتها الأمنية لما تنشره مختلف وسائل الإعلام، وما يكتوي بلظاه المنافحين من الصحفيين والمدونين الشرفاء عن الكلمة والرأي الحر ضد كل أشكال الفساد والاستبداد والتسلط، الذين ينخرطون بكل قوة انسجاما مع رسالتهم ومهمتهم النبيلة في تغطية الأحداث وتحليل المعطيات ونقل المعلومات والحقائق بالكلمة والصوت والصورة، حتى وإن طالهم القمع والتعسف، بل وحتى المتابعة القضائية والاعتقال".

و هذا نص البلاغ الذي أصدرته الجمعية:
جمعية المدونين المغاربة
المكتب التنفيذي 
في: 01 غشت 2011

 
بــــــــــلاغ
اجتمع يومه الأربعاء 27 يوليوز 2011 بمدينة الرباط أعضاء المكتب التنفيذي لجمعية المدونين المغاربة قصد الوقوف عن كثب على المعوقات والصعوبات التي اعترضت مسيرة الجمعية خلال أزيد من أربعة أشهر نتيجة ظروف ذاتية وأخرى موضوعية.
وبحث اللقاء الذي حضره وتابعه غالبية الأعضاء (9 من أصل 11) أسباب التعثر، وسبل النهوض بالجمعية في المرحلة الراهنة والمستقبلية، والنظر في مشاريع ومجالات الاشتغال التي من شأنها إعادة الاعتبار لجمعية برزت منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات، ونالت بأنشطتها المتميزة مكانة متألقة على الصعيد الوطني، وكذا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وبعد نقاش مستفيض عقب اللقاء، وعلى مدار ثلاثة أيام متتالية، واعتبارا لما يعيشه المغرب في المرحلة الراهنة من النضال والفعل المتميز في مسار التدوين، على المدونات الخاصة، وبمختلف التطبيقات التي تتيحها شبكة الأنترنيت عبر المواقع التفاعلية والاجتماعية، والتي خلفت عددا من الاعتقالات والمتابعات، لم تزد المدونين إلا حرصا وتشبثا بحقهم في حرية الرأي والتعبير، وما شكله من انتفاضة رقمية من أجل الزحف على المكتسبات، وتحقيق المنجزات في ظل التطورات الجارية في العالم العربي مع ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن..، ومع حركة 20 فبراير وتداعياتها على الساحة المغربية السياسية والمجتمعية.
وحرصا منا في المكتب التنفيذي على أداء الدور الذي نريده من خلال تجمعنا وانتظامنا في "جمعية المدونين المغاربة" خدمة لهذا الوطن وتحقيقا لمستقبل أفضل، وطلبا للفعالية والإبداع الفكري والنضالي الذي نرومه في عمل المدونين، وتماشيا مع متطلبات المرحلة في تدبير جماعي تشاركي، تتوحد فيه كل القوى والطاقات من أجل تحقيق أهدافنا المنشودة، فإننا نعلن ما يلي:
أولا: تسيير الجمعية بشكل جماعي كما ينص على ذلك قانونها الداخلي، بحيث تكون الكلمة الأولى والأخيرة للمؤسسات؛ وبناء عليه يمثل الجمعية في مختلف المحافل والمناسبات أعضاء المكتب التنفيذي تمثيلية كاملة، وفق مقررات الجمعية، وأهدافها العامة، وبرامجها ومشاريعها المتفق عليها.
ثانيا: يدبر الشؤون الداخلية للجمعية عبد الصمد المساتي بصفته الكاتب العام الذي يتكلف حسب قانوني الجمعية الأساسي والداخلي بالدعوة للاجتماعات وتحرير المراسلات ودعوات الجمعية وإعداد مشروع جدول الأعمال.
ثالثا: العمل مستقبلا بسياسة اللجان والمشاريع النوعية التي من شأنها أن تطور مجال التدوين وتزيد من نشر ثقافة الانترنت في المغرب، والتي يفتح فيها مجال العضوية لكافة أعضاء الجمعية، على أن يشرف عليها أحد أعضاء المكتب التنفيذي.
رابعا: عزمنا تنظيم مبادرات نوعية تستجيب لمغرب النضال الرقمي، والريادة الشبابية في صنع وتدبير المستقبل، وهو ما سيتم الإعلان عنه خلال الأيام القادمة، بدءا بأيام الحرية، وتتويجها بحفل تكريمي لرموز فاعلة في الحقل التدويني.
خامسا: دعوتنا كافة المدونين، كل من موقعه، إلى الانخراط القوي في مبادرات الجمعية، وبذل الجهد للرقي بالعمل التدويني، وتطوير أنشطة وإشعاع وكفاءة وإسهام المدونين.

المكتب التنفيذي

الخميس، 11 أغسطس 2011

نزاع الصحراء الغربية .. حين تعصف السياسات بمصير الإنسان..!

AGDIM_IZIK
الشبكة العربية العالمية
http://www.globalarabnetwork.com/opinion/5498-2011-08-09-04-36-14


منذ ما يزيد على 35 سنة، ظل اقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه امميا بين المغرب وجبهة البوليساريو مسرحا تاريخيا مخضرما وشاهدا على  عصرين مأساويين: عصر الامبريالية الاوربية،
وعصر تقاطبات الحرب الباردة،  وما نتج عنها من حرب بين الأشقاء و ما واكبها مما يعرف في المغرب كله باسم سنوات الجمر والرصاص ابان حكم الملك الراحل الحسن الثاني..تلك الحصيلة المؤلمة أقر بها العاهل المغربي الشاب محمد السادس فور اعتلائه العرش في محاولة للمصالحة و طي صفحة الماضي الأليم لانتهاكات حقوق الانسان في المغرب..إلا انه و على ما يبدو للمتوغل في اعماق النزاع وخلفياته، فقد كانت جراح الصحراء عميقة عمق وادي الساقية الحمراء و واد الذهب اشهر المعالم الجغرافية المحددة للرقعة المتنازع عليها من اقليم الصحراء الكبير الممتد تاريخيا من واد نون شمالا الى نهر السنغال جنوب موريتانيا..
       الأواصر التاريخية والعرقية القوية  التي تربط سكان الصحراء بإخوانهم العرب والأمازيغ المغاربة، لا يمكن ولا ينبغي انكارها، إلا انها أصبحت الآن شيئا من التاريخ المجهول المتجاهَل..على الأقل في عرف جبهة البوليساريو و من يتبنى أو يؤيد خياراتها من الصحراويين وهم كثر سواء في تيندوف أو داخل الصحراء من واد نون الى واد الذهب وذلك  بفعل تراكمات الأخطاء المخزنية المغربية و مؤامرات الامبريالية الاوربية..فبعد جلاء المستعمر الاسباني و تقسيم المغرب وموريتانيا للاقليم في تجاهل لارادة سكانه، لم يكن دخول النظام و الجيش الملكي الى الصحراء سلسا ولا حكيما رحيما، بل كان من العنجهية والقمع بحيث ارتكب مجازر جماعية في حق بدو الصحراء العزل و استهدفت بالأساس تطهير معاقل جيش التحرير الصحراوي الذي قاد معارك المقاومة ضد الغزاة الأوروبيين  لوحده دون مؤازرة من النظام المغربي، وقد احكمت الدولة بعد ذلك بقبضة من حديد على الصحراويين و هي تحاول أن تعيد اعمار المدن الصحراوية الكبرى بعد ان تعرضت الكثير من المداشر الصحراوية للقصف والتدمير كتفاريتي والمحبس و بيركندوز وغيرها..مما اضطر أغلب الناجين الى الفرار طواعية نحو مخيمات اللجوء بحمادة تيندوف بقيادة جبهة البوليساريو وتحت الحماية والدعم الجزائري..
  الا ان من الصحراويين أيضا من طوى صفحة الماضي ويتبنى الوحدة والاندماج داخل المغرب كخيار واقعي أو سياسي وخاصة بعض النخب الريعية المتنفذة والمستفيدة من امتيازات الدولة مقابل الولاء والتعاون المشترك، هذا فضلا عن وجود متحفظين  يتوجسون خيفة وحذرا سواء من الواقع السياسي الراهن تحت نفوذ المغرب أو من أي مستقبل سياسي واداري يختاره الصحراويون أو يفرض عليهم..! ومن أسباب هذا التحفظ تخوف بعض الشرائح من  هيمنة النزعة القبلية على الصحراويين أو من امكانية التلاعب بمصائر الناس في غياب اي ضمانة لروح الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في مجتمع عشائري صراعي لمّا يتشرب بعد روح المدنية، و قيم المواطنة الحديثة المناقضة للذهنية القبلية..وعلى العموم فلا يوجد هناك أي احصاء كمي ولا نوعي لخيارات الصحراويين قبل الاستفتاء أو اي حل مجمع عليه، إلا أن أكبر الخيارات فيما يبدو هي الثلاثة المعروضة على الاستفتاء في الطرح الذي تقدمت به جبهة البوليساريو: الانضمام أو الاستقلال أو الحكم الذاتي.. ويبقى خيار تقرير المصير عموما الأكثر جاذبية و ديمقراطية في أوساط الكثير من الصحراويين .. 
لقد كان تجاهل انسانية الانسان البدوي الصحراوي خطأ فادحا لم يراع الذهنية القبلية الصراعية المعتدة بذاتها المعتزة بأيامها، و المستقلة منذ البدء بتسيير شؤونها عن الحكومات المركزية لسلاطين المغرب رغم ما كان من ولاء رمزي لشخص الملك من طرف بعض القبائل..و كانت تلك الأخطاء والملابسات التاريخية دافعا قويا أجج في نفوس المجتمع القبلي الانقسامي  حسا قوميا وطنيا جديدا لا عهد له به،  أصبح بموجبه يتبرأ و يتنكر من كل صلة تربطه بالتاريخ العريق لدولة المغرب ثقافة وشعبا.. فبعد أن كان ولاء الصحراويين لقبائل متفرقة يجمعها تاريخ من التعايش والصراع صار ولاء اغلبيتها لمن يحفظ عزتها و يرفع عنها الضيم، و يمثل مصلحتها في التكتل داخل جبهة صحراوية واحدة ضد من حولوا هدوء الصحراء الى عاصفة ناسفة..فلم تكن هذه الجبهة سوى جبهة البوليساريو التي وجدت نفسها وهي تطالب باستقلال الاقليم، مضطرة للنزوح بمن احتمى بها الى أي مكان يضمن شيئا من الكرامة ، و يضمد الجراح الغائرة..فبعد التراجع الجذري لليبيا عن دعم البوليساريو، فتحت الجزائر احضانها للجبهة وفاء بعهودها لدعم حركات التحررمن جهة و نقمة و نكاية في الجار / "الخصم المغربي" من جهة ثانية..
وبغض النظر عما اذا كانت هجرة الصحراويين  لترابهم رغم القمع المخزني، تعتبر ردة فعل صائبة او مخظئة، أو لا بديل عنها، فإن الامر الواقع هو استمرار المعاناة الانسانية للصحراويين على الضفتين وان اختلفت ظروف و أسباب معاناة كل من الفريقين..فانقسم الصحراويون الى شطرين شطر في تيندوف والشطر الآخر تحت أعين وقبضة المخزن المغربي..ورغم تدشين المغرب لمرحلة حقوقية جديدة تحاول القطيعة مع ماضي الانتهاكات، إلا إن الاوضاع الحالية مازالت تعرف انفلاتات امنية مستمرة ليس آخرها حملات الاعتقال و الممارسات اللاانسانية التي مورست على المنتفضين المطالبين بتحسين اوضاعهم بعد التفكيك  العنيف لمخيم اكديم ايزيك السلمي ذائع الصيت..وهذا ما جعل جبهة البوليساريو تلح على الامم المتحدة لإحداث آليات مراقبة اممية لوضعية حقوق الانسان في الصحراء، وهو الشيء الذي استفز المغرب ورأى فيه مساسا  بسيادته على الاقليم..وقد باتت الحرب الجديدة حربا حقوقية و اعلامية بامتياز أشبه بلعبة كبيرة يحاول كل خصم ان يسجل اكبر الاهداف في مرمى الطرف الآخر، فقد سجلت البوليساريو انتصارات حقوقية واعلامية كبيرة على يد النشطاء الحقوقيين الصحراويين " المزعجين" للمغرب كأمثال أمينتو حيدر و مجموعات المعتقلين الذين زارو الجزائر ومخيمات تيندوف اشهارا لمواقفهم المعارضة  المتبنية للبوليساريو كممثل شرعي  وحيد للصحراويين. وفي المقابل يحرص المغرب كذلك على رصد و اغتنام كل ممارسة لا انسانية او غير قانونية صادرة عن البوليساريو في معاملتها للاجئين، و قد دعم المغرب حملة وطنية ودولية كبيرة لمؤازرة مصطفى ولد سيدي مولود الذي وجهته السلطات المغربية و شجعته على أن يجهر بقناعته حول الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء و احراجا للبوليساريو من داخلها كما نجحت هي في ذلك مع المغرب من خلال نشطائها..إلا أن ولد سيدي مولود قد ووجه بالرفض فقد منعت الجبهة دخوله وقامت بتسليمه لمفوضية اللاجئين..
و قد جاء القرار الاممي الاخيررقم 1979 لينبه على خطورة انتهاكات حقوق الانسان في الصحراء، وضرورة أن تولي الأمم المتحدة أهمية كبرى لاستشارة الصحراويين وعدم تجاهل آرائهم فيما يخص مستقبلهم، لاسيما وأن الثورات العربية في المنطقة قد بعثت برسائل واضحة حول يقظة الشعوب العربية وقدرتها على خلق التغيير بأنفسها بعيدا عن السياسيين..

سويسرا الصغيرة بين جبال المغرب!


محمد لبيهي ـ الجزيرة توك ـ المغرب
http://aljazeeratalk.net/node/8197

قبل أسبوع فقط، وبعد عام حافل بالأحداث والمشاغل، لم أكن أشعر أن لنفسي حقا في شيء من السياحة و الاستجمام إلا بعدما " اختطفني" بعض الأصحاب من دوامة الإلتزامات اليومية، إلى رحلة جماعية لا تنسى وكانت الوجهة مدينة "إفران" (عروس جبال المتوسط) بل قطعة أسطورية من جنان الله في قلب البراري الأطلسية!
كنت قد حزمت حقيبتي في آخر لحظة كعادتي، ورتبت فيها ما سوف أحتاجه من أغراض في رحلة الصيف هذه, ولم يفتني طبعاً أن أطمئن على حاسوبي المحمول، وعدة التصوير لتوثيق مشاهداتي طيلة أيام الرحلة السعيدة.

في أحضان " سويسرا الصغيرة "
هكذا لقب الأوربيون "إفـران" هذه المدينة الهادئة الجميلة، بعدما أعادوا بناءها على طراز "الجاردن سيتي الأوربية" لتكون موضع استجمام للعائلات الفرنسية المعمرة إبان فترة الحماية! وقد اكتشف الأوربيون أن موضع هذه المدينة و طقسها البارد لا يختلف عن مدن الألب و جبال البرانس، حيث تقع "إفران" على ارتفاع 1655 متراً فوق سطح البحر، وهي عبارة عن شاليهات وفيلات صغيرة تحيط بها حدائق منزلية جميلة، بينما تتزين ساحات المدينة وطرقاتها بـ"كوكتيل" من الأشجار والنباتات الخضراء.
وأول ما يأسر الوافد على المدينة، شكل السقوف الأوربية ذات المداخن، والمنحنية من الجانبين كسقوف الأكواخ، وهي مرصعة بالقرميد الأحمر وقد صممت بذلك؛ لتحول دون تكدس الثلوج لمدة طويلة خلال الشتاء القارس، ولتسهل انزلاقها عند ذوبانها مع أول إشراقات الربيع المزهرة، وفي وسط المدينة هناك أسد كبير رابض، منحوت من الصخر، ويعود الى حقبة الاستعمار، و لا يوجد أحد يزعم زيارة إفران لم يلتقط صورا الى جانب أسدها الذي يقال أنه يحرس المدينة الآمنة.

أما كلمة "إفران" فتعني الكهوف باللغة الأمازيغية، وذلك لانتشار المغارات الطبيعية حولها، أما إسم المدينة القديم فهو " أورتي" ويعني: الروضة الغناء! و هي كذلك بالفعل، فإفران المضيافة بسكانها وشلالات ينابيعها المتفجرة بين الجبال، وبحيراتها الكبيرة، وغاباتها الخضراء العطرة، وإقاماتها السياحية، تأبى إلا أن تسحر الزوار كنقطة جذب دائمة على مدار السنة، فهي شتاء قبلة عشاق التزلج على الثلوج، وفي الربيع والخريف تكون فضاء رومانسياً للنزهة بين أحضان البراري المزهرة أو على ضفاف الجداول الرقراقة، وعند المصيف تهرع إليها أفواج الفارين من لفحات الشمس بغية الاستجمام واسترواح أطيب النسائم المنعشة تحت ظلال الأرز والبلوط والصنوبر وشجر الزان والعرعار والكثير من أنواع النباتات و الأعشاب المخضرة طوال العام.


وحيش ونبيت :
لم تكن " شلة " أصحابي بحاجة إلى أي مرشد أو دليل سياحي، فقد تكفل صديقي إلياس بالمهمة، ولقد كان رائد رحلتنا عن جدارة، ولحسن حظنا أنه مهندس زراعي ناجح وخدوم، وخبير بتضاريس المنطقة ومبهمات طرقها، وقد مسحها جيئة وذهاباً ولسنوات بسبب ظروف مهنته التي جعلته مطلعا على بنيتها الجيومرفولوجية والرعوية، وصديقا للبيئة في الآن ذاته، فكان يتقدم قافلتنا الصغيرة بسيارته، ويتوقف بالركب كلما مر على إحدى المحطات الإيكولوجية ليقدم لنا شروحات علمية مبسطة و يجيب على استفسارات الشبان المتحمسين.

لقد تعلمت بعد الرحلة أن المتنزه الوطني لـ"إفران" يمتد على مساحة تفوق 53 ألف هكتار أو مايزيد على 500 كلم مربع، وأن غابات الأطلس المغربية تحتضن أكبر احتياطي لأشجار الأرز في العالم، ولأجود الأنواع كذلك، إذ يصل ثمن الشجرة المتوسطة الى حوالي 40 ألف درهم أي ما يعادل 4000 دولار تقريبا، ويعتبر المتنزه بطبيعة تركيبته المناخية والنباتية وسطا بيئيا مثالياً، ومحمية طبيعية لأصناف من الوحيش تقدر ب 37 صنفا، منها ثعالب الأطلس وحيوان العناق و ثعلب الماء، والغرن النهري، فضلاً عن أصناف نادرة من الطيور تقدر بـ 142 صنفاً، هذا بالإضافة إلى الزواحف والبرمائيات وأسماك المياه العذبة وتشتهر مدينة "أزرو" القريبة من إفران بأحواض تربية سمك التروتة النهرية التي يشرف عليها مركز متخصص، وقد كانت إحدى محطاتنا كل ذلك جعل المنطقة قبلة لهواة الصيد و القنص من داخل المغرب و خارجه حتى أطلقت بعض المنظمات الدولية جرس الإنذار مخافة انقراض بعض الأصناف النادرة ومن بينها قرد الأطلس، و يسمى المكاك البربري Macaca Sylvanus هذا القرد الطريف بات مهددًا بسبب استغلال الغابة؛ لأغراض تجارية أورعوية أو بسبب تهريبه الى أوروبا أو بيعه لأصحاب العروض الترفيهية بساحات المدن المغربية، وقد تعودت مجموعات المكاك البربري على انتظار الزوار الذين يستمتعون بإطعامه والتقاط الصور إلى جنبها، وهي نفس الرغبات التي تملكتني حين التقطت لها صوراً كثيرة، بالإضافة الى لقطات فيديو مرفقة بهذا التقرير.


سيمفونية البراري:
كانت سيارات الدفع الرباعي تسلك بنا الفجاج الشاهقة، وتعبر الأدغال لاكتشاف أجمل المواقع وأطيب المواضع، ثم نعود في المساء بعد يوم حافل الى محل إقامتنا بـ"إفران".
كان الجميع سعداء بلحظات ستبقى محفورة في الذاكرة، وتغري بمعاودة الكرة من جديد: إلى غابة أرز كور، وضفاف بحيرة ويوان الكبيرة، وعيون أم الربيع العذبة الباردة، وعين رأس الماء، وشلالات العذراء بغابة فيتال، و مناظر الأنعام وهي ترعى النجم الأخضر في الغابات و المروج أو على ضفاف البحيرات، وركوب صهوات الخيول العربية المسرجة، وذلك يجعلك تعشق حياة البرية العذراء، وتعجز عن مقاومة سحرها إذ تراودك عن نفسك التواقة من أول نظرة،ولسوف تتمايل طربا لسيمفونية الطبيعة تعزفها على مسامعك طيور البراري على إيقاع خرير الشلالات الفضية الرقراقة، وحفيف أوراق الأشجار الباسقة العملاقة، و رقصات الفراشات المزهوة بألوانها القزحية، كل ذلك وأنت تستروح نسيماً جبليا عليلاً بعبق الفردوس الأطلسي، وتلتحف سماء صافية زرقاء، و تفترش سجادا أخضرا وثيراً نسجته يد الخالق المبدع سبحانه وجعلته رحمة ومهادا للعابرين وآية للناظرين.
ثلاث آلات تصوير رقمية فضلاً عن عدسات هواتفنا المحمولة، لم تكن لتكفّـنا عن التسابق إلى الكاميرات رغبة في الاستئثار بالتقاط أروع الصور، وقد استبدت بكل واحد منا رغبة عارمة لم يشبعها أبداً تصوير ما وقعت عليه عيوننا من بدائع الطبيع، وعند المساء يجتمع الشباب للسمر والدردشة وتناول وجبة العشاء، واحتساء كؤوس الشاي الأخضر المنعشة، فنقوم بتفريغ ما تم تصويره طوال اليوم في حواسيبنا الشخصية استعدادا ليوم جديد.