اهلا وسهلا بزوارنا الكرام.. تفاعلكم مع المدونة تشريف لنا و دعم لجهود التدوين العربي..أشكركم على ايثارنا بهذه بالزيارة..

الاثنين، 17 مارس 2014




موقع مركز معلومات الجوار الأوروبي  الإلكتروني

محمد لبيهي

يعرض  موقع مركز معلومات الجوار الأوروبي  الإلكتروني(www.enpi-info.eu)  الذي يمثل بوابة الأخبار والمعلومات حول شراكة الاتحاد الأوروبي مع جيرانه في الجنوب والشرق، التحديثات الإخبارية اليومية، ومعلومات حول عروض العمل وفرص التمويل و الشراكة بين الاتحاد الأوروبي، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط بالاضافة الى خدمات مكتبة الجوار وجديد الوثائق على الشبكة العنكبوتية.

وتوفر البوابة الأوروبية المتوسطية المعطيات والمعلومات باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية لتسهيل ولوج أكبر عدد من المتصفحين المهتمين.

و يغطي الموقع كل  المستجدات السياسية والادارية الرئيسية عبر تحديث مستمر للأخبار في ما يربو على أكثر من مائة من مواقع مؤسسات الاتحاد الأوروبي  والمشروعات التي يمولها الاتحاد.

هذا وتحتوي البوابة كذلك على معارض لمجموعات كبيرة من الصور الفوتوغرافية تعكس الطابع التعاوني و الإنساني للشراكات الأوربية مع دول الجوار وتتميز الصور بجودة كبيرة وهي متاحة للتحميل  بالمجان.

ويعرف القسم الخاص بفرص التمويل وفرص التعاون التي يعرضها الاتحاد الأوروبي أكبر عدد من الزيارات لكونه يعنى بالجمعيات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في الشرق والجنوب.

ويهتم  قسم الوظائف بالمراكز الشاغرة التي توفرها المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي وبعثات الاتحاد الأوروبي.

اما مكتبة الجوار فتضم عددا كبيرا من وثائق السياسات والاتفاقيات  كخدمة رقمية على الانترنت متاحة مجانا للباحثين الأكاديميين والصحفيين والباحثين الجامعيين.

و يعرض  موقع مركز معلومات الجوار الأوروبي (www.enpi-info.eu) الإلكتروني بكل وضوح امكانية البحث عبر تخصيص نوافذ لكل البلدان المعنية مقسمة حسب الموضوعات، بالاضافة الى تعزيزالموقع بأشرطة الفيديو والصور للمزيد من الاطلاع عن قرب.

الأحد، 16 مارس 2014



كلفة " الوضع المغربي المتقدم" لدى الاتحاد الأوربي

 بقلم محمد لبيهي
 
             يقيم الإتحاد الأوروبي علاقات دبلوماسية جد موسعة مع دول العالم، ولديه شراكات إستراتيجية مع  الفاعلين الدوليين حيث يتم تمثيل الاتحاد الأوروبي عبر شبكة من 141 بعثة تقوم بأعمال مماثلة لمهام السفارات، ويفرض  الاتحاد جملة من الإشتراطات المبدئية التي ينبغي توفرها في شركائه تقوم على الالتزام المتبادل بالقيم المشتركة كالديمقراطية، والحريات وحقوق الإنسان، وسلطة القانون، والحوكمة الرشيدة ومبادئ اقتصاد السوق والتنمية المستدامة...و تحرص دول الجوار الإفريقي السائرة في طريق النمو على الظفر بأفضل صفقات الشراكة و التمويل  لدعم اقتصاداتها الهشة.
ومع إعلان الاتحاد الأوربي في 13 أكتوبر 2008 حصل المغرب على صفة "الوضع المتقدم " إذ يعتبر من أعرق دول حوض المتوسط علاقة بالقارة العجوز والأكثر حرصا على الظفر بمكانة تمييزية لديها، وهي مكانة أرادها الملك محمد السادس أن تكون أكثر من شراكة، وأقل من الانضمام للإتحاد،  وقد أتضح ذلك من خلال  تصريحه: "إن المغرب عاقد العزم على توطيد توجهه للسير في شراكته مع الإتحاد إلى أبعد الحدود الممكنة، ويتطلع إلى ما هو أرحب من مجرد إقامة منطقة للتبادل الحر ليدعو إلى الرفع من حركية تدفق الاستثمارات في المجالين الزراعي والصناعي، وإعادة انتشار الأنشطة الخدماتية، وتطبيق سياسات مشتركة في مجالات البحث من أجل التنمية واقتصاد المعرفة.." .
إلا أنه وبالرغم من  الجوانب الايجابية لإحراز هذه المكانة التفضيلية،  لم يزل عدد من المختصين و الباحثين الأكاديميين المغاربة يتساءلون:
ماذا سيربح المغرب واقعيا من ميزة الوضع المتقدم؟ وهل ستستفيد الطبقات الاجتماعية الفقيرة فعلا من هذا الوضع التفضيلي؟ وهل تمتلك أوربا النوايا الحسنة بالفعل للدفع بعجلة التنمية في بلدان المتوسط؟

يؤكد الباحث الجامعي، سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بجامعة محمد بن عبد الله بفاس " أن الوضع المتقدم بقدر ما سيقدم للمغرب من منافع وامتيازات، فإنه سيزيد من حجم الضغوط الأوربية الهادفة إلى انخراط أكبر للمغرب في إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية، تتوافق مع المعايير الأوربية."
وتعتبر ورقة حقوق الانسان من أبرز الضغوطات التي يرفعها الاتحاد في وجه الحكومات المغربية التي استطاعت أن تتفاعل معها  لسنوات عبر تحقيق بعض الانجازات الحقوقية الدستورية و الميدانية وُصفت بالبطيئة، كان آخرها قرار مجلس الحكومة المنعقد الخميس 13مارس الجاري 2014 بالرباط، برئاسة رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، الذي دعا الى التفاعل السريع والتجاوب الفعال مع الشكايات والمقترحات الواردة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية على المستوى الوطني، ولا سيما مع اللجان في الأقاليم الصحراوية بكل من العيون والداخلة وطان طان. وهذه الاستجابات لم يتردد بعض المعلقين بوصفها تأتي دون مقابل بل توسع من دائرة التدخل الأوربي المتنامي في الشؤون الداخلية لاسيما في قضية الصحراء المعمرة حيث عرف الاقليم المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو توافدا متزايدا في الآونة الأخيرة لعدد من الفعاليات الأوربية الحزبية والبرلمانية والجمعوية والإعلامية في إطار المراقبة و السعي الى تسريع حل للنزاع الصحراوي في  إطار الشرعية الدولية عبر آلية تقرير المصير التي يتحفظ عليها المغرب، وهو ما أعاد تأكيده البرلمان الأوربي قبل أيام قليلة من شهر مارس الجاري.
من جهته يعتقد الباحث والمحلل الاقتصادي المغربي عبد السلام أديب أن الاوربيين يعرفون جيدا أن المغرب ليس مؤهلا بما يكفي للاستجابة لدفتر تحملات التنمية و حقوق الانسان وفق المعايير الأوربية المتقدمة، ومع ذلك منحوا للمغرب هذه الصفة التفضيلية وهو ما يطرح عددا من نقط التعجب والاستفهام، الشيء الذي دفع  بالباحث الى أن يختصر الأمر في أن المغرب وشمال إفريقيا يمثلان البوابة الإفريقية لحل أزمة فائض الإنتاج في الاتحاد الأوروبي حيث يتقدم المركز دائما على حساب المحيط،  وخلص الى القول بأنه : " لا يمكن المراهنة كثيرا على الانفتاح الأوروبي على المغرب لخلق دينامية اقتصادية في بلادنا وحدوث نوع من إعادة توزيع الدخل والثروات، بالرغم كل ما يقال بخصوص "الوضع المتقدم" .
و بالعودة الى إعلان برشلونة تتبين الأهداف الحقيقية التي دفعت أوربا الى منح المغرب هذا الوضع، وهي أهداف أمنية بالدرجة الأولى، الغاية منها ضبط الحدود الجنوبية لأوروبا، خاصة في ظل تزايد وتيرة الإرهاب، والهجرة السرية المكلفة التي تم توظيف المغرب للتصدي لها نيابة عن أوربا.
وفي هذا السياق صرح الدكتور محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية لجريدة التجديد في مطلع سنة    2010 أنه بالرغم من المجهودات التي بذلها المغرب، إلا انه يلاحَظ لحد الآن تقاعس الطرف الأوربي عن اعتماد المعالجة الانمائية الكفيلة بخلق مشاريع تنموية في البلدان الافريقية المصدرة للهجرة، عوض اعتماد معالجة أمنية فاشلة ومحدودة  التأثير على أرض الواقع.
ويبقى التساؤل و الأمل قائما حول مدى قابلية الاتحاد الأوربي للاقتناع بكل عقلانية مصلحية أن مستقبل "أوروبا قوية ومتماسكة" لن ير النور إلا بتوفر نوايا حقيقية وجادة لدعم واحتضان مشاريع الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لدول الجوار، وفي المستعمرات القديمة حيث تترابط المصالح، وتتقاطع الرؤى الاستراتيجية، وتتحد مآلات الشعوب المتجاورة. 

الاثنين، 14 يناير 2013

مدونون لأجل حقوق الإنسان..



مدونون لأجل حقوق الإنسان..
      حقوق الإنسان، هل غدت يا ترى هي كلمة السر في عالمنا العربي لفهم مغاليق واقعنا المتردي على جميع المستويات؟ وهل يمكن أن تكون اليوم بوابة الحل لأبرز مآسينا المشتركة في حقبة يطبعها الخوف من كل شيء؟ الخوف ذلك العملاق الجرثومة الذي اخترق أنظمتنا المناعية منذ قرون، وعشش فيها كالفطر السام تغذيه أوحال   الفقر و الجهل و الاستبداد،  أو لِنقل متلازمات العالم الثالث. هذا الخوف، هل يمكن أن نشفى من أعراضه و أمراضه دون أن ننعم بحقوقنا كاملة كمخلوقات إنسية مكرمة؟ 
      إنه من المؤسف حقا أن عصر الحريات و الثورة العلومية، لم يجعل حدا لمعاناة البشرية فمازال المتسلطون و ذوو النفوذ لا يحتكمون لغير شريعة الغاب أو لغة المصالح في أحسن الأحوال، و قد فقدت الإنسانية أقدس معانيها، وغدت القيم سلعة في أسواق القيم، لذلك صار النضال لأجل حرمة الإنسان أسمى الواجبات الكونية، ووجب التذكير بأن كرامة الانسان هي خط أحمر، و أن حقوق الانسان انما اكتسبت قدسيتها  بالنفخة الإلهية المقدسة منذ بدء التكوين، و ذلك قبل أن نتسول حقوقنا من "رعاة" المواثيق الدولية المعاصرة، أو ننتزعها مغالبة من أنظمة الاستبداد العربية.   
1.   مدونون لأجل حقوق الإنسان:  
     أريد هنا أن أدون أي شيء، بل أدعو كل ذي قلم وحاسوب الى تدوين أي شيء لأجل حقوق الانسان العربي، ندون جميعا لأننا في حاجة الى مبادرات شبابية تعالج قضايا حقوق الانسان، وتعيد شيئا من الأمل الى النفوس المعذبة الحائرة الخائرة، في زمن عزت فيه المبادرات الحقوقية العربية بسبب نخبويتها، أو  افتقارها الى الدعم المادي و الحكومي، أو بسبب حظرها من الأساس..
      و يبدو أن ثورات الربيع العربي التي عبَـرت من عالم  الإنترنت الافتراضي الى أرض الواقع،  قد عكست  الرغبة القوية لدى الشباب في التشبيك و التواصل في ما بينه لتدارس أبجديات حقوقه و  للمطالبة  بحرياته عبر المدونات و برامج التواصل الاجتماعي، وشتى وسائل التعبير و الابداع الفني،  وهي المسألة الجوهرية التي غابت عن مناهجنا التعليمية والتربوية طويلا، و ما تزال  كذلك باستثناء الجهود التي تقوم بها بعض المنظمات المدنية العزلاء التي تناضل  باستماتة  لكي تجد لها موطئ قدم في زحمة المتاجرين بالسياسة والحقوق، و خبراء لغة الخشب، و باعة الوعود الحزبية الزائفة!
  هذه المجموعات المتطوعة أو المنظمات ذات الخلفيات الفكرية و السياسية المتباينة، انما تحاول ذوات المروءة منها أن تقدم و لو شيئا يسيرا للدفاع عن المواطن العربي، و توعيته بحقوقه، وإعمال  وسائل  الضغط  القانونية و المدنية لمساءلة أو إحراج المؤسسات  الحكومية الوصية التي لم تشيّد في أغلب التجارب العربية إلا كديكور لتأثيث الواجهات "الديمقراطية" أمام أنظار المجتمع الدولي، و إيهاما بوجود إرادة للإصلاح السياسي، و انما هو في الواقع محض الاستغفال للمواطن العربي ذلك "الإنسان المقهور و  المهدور"  كما يصفه  الدكتور مصطفى حجازي في كتاباته التحليلية.
2.  مأساة عربية مشتركة :
      أحاول أن أصور جانبا من مشاهد القصة المشتركة لحقوق الإنسان العربي، متوسلا لذلك  بعفوية المدون و خيال القاص، فأن تكتب شيئا عن حقوق الإنسان و تجعل الآخرين يستمعون إليك و يشعرون بك،  فيألمون لمصابك، ثم يناصرونك في النهاية،  لا يتطلب   منك أن تكون حقوقيا خبيرا، و لا محاميا كبيرا،  ولا مناضلا في صفوف المعارضة... يكفي فقط أن تكون مواطنا إنسانا، إن تركَـت فيك الأنظمة بقيةَ إحساسِ وشيئا من العزة في بلد عربي! ثم تنفس عن شريان قلمك في غفلة من أعين الرقابة لتصور بكلماتك الدافقة  شيئا من واقعك اليومي بكل بساطة،  بدءا بمكونات إفطارك، وجدران دارِك، ومرورا بمعاناتك اليومية مع الإدارات العمومية، و عجز راتبك عن أداء فواتيرك الشهرية، و انتهاء بآثار كوارث السياسة و الاقتصاد، وطواحين الأوضاع الأمنية والحقوقية في بلدك، آنذاك سيعتقد الجميع في النهاية أنك تكتب بالنيابة عنهم،  قصصهم الشخصية أو قصص أقاربهم وذويهم..!
     لا تجعل العَـبَرات هي  مبلغك من الأسى و الأسف إن استطعت أن  تذرف مع الدموع مدادا سيالا لتوثق بالأسود و الأبيض مشاهد أطفال في عمر الزهور، و هم يستجدون المارة بوجوه بريئة ، صَـوّحتها الشمس و لوّحتها، أو يتوسلون إليك لتمنحهم فرصة مسح  سيارتك المهترئة مقابل قطع معدنية لا تسمن و لا تغني من جوع..( في المغرب مثلا  يوجد أكثر من ثلاثين ألف طفل يعيشون في الشوارع! ) و حتى لا تؤلمك المناظر في زاوية أخرى، استرق بعض نظرات الاشفاق العاجزة، وأنت تتحاشى الاقتراب من المشردين في الشوارع بسحناتهم المخيفة، و رؤوسهم المغبرة، و ثيابهم المرقعة، و هم ينامون على قارعة الطريق، أو ينبشون في حاويات القمامة أمام بيوت الأثرياء، و يقتسمون الفضلات مع القطط و الكلاب الضالة! ربما هي وحدها من يشعر بوجودهم أو يقر بإنسانيتهم المعذبة في عالم شَـحّ فيه الرحماء !
       لا تتردد أيضا في الكتابة عن قصة عودتك اليوم أو الأمس الى بيتك بعد نهار من العمل الشاق بساعات زائدة مفروضة عليك، و لا مطمع لك في أي تعويض عنها، أو تطرد عسفا من ورش عملك لأن قطاعك لا وجود فيه لنقابة قادرة على إسماع صوتك، أو الدفاع عن حقوقك..
    لا تنس إن شئت و أنت عائد الى بيتك، أن  تمر بمنزل خالتك أو جارتك المسكينة لتواسيها في مصابها، و تخفف شيئا من حسراتها على ابنها و سندها الوحيد الذي اختفى منذ أيام، و قد اختطفه في عتمة الظلام زُوار شِداد غلاظ  متخفون في زي مدني، بعد أن نصبوا له كمينا ليكون عبرة لكل شاب منتفض قد يخطط أو يشارك في وقفة سلمية، أو يفتح فمه ليعبر عن رأيه في قضية سياسية أو " خبزية" لا فرق! و من "نجا"  من رفقائه فربما عاد الى أهله بعظام مهشمة جزاء مطالبته بالشغل والالتفات إلى أوضاع بلدتكم المهمشة  البعيدة عن العاصمة.
  انظر الى المرأة الثكلى بعين الرحمة، و ابتلع غصتك و غيظك، و تمالك دمعتك كأي رجل "شرقي"، و أنت تمنح قريبتك المنهارة بصيصا من الأمل بمعانقة ابنها الفتى الشجاع ذي الحظ العاثر! حاول فقط، رغم أنك تعلم يقينا أنه لن ير النور قريبا هو و رفاقه، و قد لفقت لهم تهمة تهديد أمن الدولة و المؤسسات، والمساس بحرمة الوطن و المقدسات! ولا تتعب نفسك بالسؤال عن الفتية في أقسام البوليس و مفوضيات الشرطة لأنه لا أحد يعلم عنهم أي شيء!  وإن حرصت على تقصي خبرهم فقد تتهم بالتواطؤ مع "المخربين الخونة"، فيُـفتح لك محضر تحقيق قد يلطخ سيرتك المدنية الى ما شاء الله!
     من المؤسف حقا ألا يكون بمقدورك فعل أي شيء! لكن لم لا يكون الإعلام نصيرا جيدا لقضيتك، فقمع المسيرة السلمية  و إطلاق الرصاص على المدنيين، و اختطاف المتظاهرين لا شك سيكون سبقا صحفيا، مع قصص إنسانية مؤثرة و جديرة بالنشر.. لكن لا تتفاجأ إن علمت أن صاحبك الصحفي لن يغامر بوظيفته بعد  تلقيه التحذير، فمدير جريدته لم يتحمس  لتغطية أحداث " المشاغبين المخربين للبلد! " و بالمقابل عرض عليه فرصة السفر الى العاصمة للاستمتاع بتغطية باذخة ليوميات المهرجان الفني الكبير..
      ما أشبه ما تكتبه في طنجة أو وهران، بما يكتبه إخوتك في أقاصي اليمن و الخليج  والشام.. لكن عليك فقط أن تتعلم كيف تحتج سلميا، أو كيف تصوب فوهة "قلم الرصاص" أو ازرار حاسوبك في وجه خصوم الحريات و الحقوق، ففى البداية سيتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك ثم تنتصر!! تماما كما برهن على ذلك غاندي الحكيم، أيقونة المقاومة السلمية .
  3.  فلا اقتحم العقبة!
       يعتبر الكثيرون الانشغال بحقوق الانسان عملا نخبويا و مجازفة غير محسوبة العواقب أمنيا و سياسيا، و هي مخاوف متفشية في عالمنا العربي و لها ما يبررها، خصوصا في ظل المضايقات و الاعتداءات السافرة و الزج بالمدونين في السجون دون وجه حق..إلا أنه لا ينبغي أن يظل العمل الحقوقي  الى الأبد طابوها محظورا لاسيما في زمن التحرر والثورات على الاستعباد، بل هي عقبة كؤود ينبغي اقتحامها لمن يجد في نفسه الحد الأدنى من الاستعداد الفكري أو الحركي للتطوع في المسعى النبيل.
 و ليكون التطوع على بصيرة و بينة، لابد لك أولا من امتلاك خارطة و بوصلة، لأن الطريق غير سالكة!
 الخارطة وضوح راسخ في المسالك والخطوات، والبوصلة رسوخ واضح في المبادئ والتوجهات. 
    معنى ذلك، أنه لا ينبغي أخلاقيا أن يكون الدفاع عن حقوق الانسان اندفاعا حماسيا ساذجا، و لا حصادا سياسيا رخيصا على حساب آهات المستضعفين في الأرض، ولا مهنة تُحتَرَف انتهازا كما يصنع بعضهم، و لا مورد رزق لصاحب ضمير. فليس النضال الحقوقي إلا  أنبل تَجَـلٍّ لفروسية الضمير الإنساني.  ولا ثمن يكافئه في الدنيا، غير ارجاع الحقوق الى طلابها، والكرامة الى أصحابها، و العدالة الى نصابها. وأي غُنم أكبر من ذلك؟
و من جهة ثانية، فقد غدا ميدان حقوق الانسان تخصصا معرفيا و أكاديميا بارزا تغذيه تراكمات النضالات  الحقوقية الكونية، و صحوات الوعي  الجماهيرية، والاستجابات السياسية و القانونية و التنظيمية عبر العالم، لذا فلا مناص لك يا صاحبي، سواء أكنت كاتبا مدونا، أو مناضلا ميدانيا أن تلتمس التكوين والتأطير بطرقك الخاصة، أو تنخرط في أي منظمة حقوقية جادة توفر لك ما تيسر من حماية و تأطير، وهناك وسع دائرة معارفك، و أنت تستكشف أعراف وآليات اشتغال وسطك الجديد حتى تتفاعل بشكل إيجابي مع كل نشاط حقوقي هادف، و لا تنس أن تقرأ دائما عن تجارب الآخرين، واستفد من الإعلام عموما، ومن برامج  الانترنت التفاعلية والترويجية، و لا تتردد في بناء مدونتك الشخصية على الشبكة العالمية، إن بدا لك أن تجعل منها متنفسك الصغير في الفضاء الرقمي  الكبير، فتعبر  بتدويناتك ومنشوراتك بعيدا عن مقص الرقيب على أي كلمة أو صورة أو صرخة تلتقطها أو تبثها أجهزتك البسيطة،  وتسلح باستمرار بشيء من المطالعات والاستشارات القانونية لتوفر بعض الحماية  لنفسك، و من ذلك اطلاعك على المساطر اللازمة للتعامل مع أي شطط في استعمال السلطة قد تتعرض له.  ففي العالم العربي، عادة لا تجعلك المعرفة بالقانون والتزامه في مأمن من الظلم والاعتداء، لكنك ربما قد تحرج من يريد أن يعتدي على حرمتك باسم تنفيذ الأوامر والتعليمات، فتُحد قليلا من ساديته و طيشه، أو تتحداه بإمكانية فضحه إعلاميا، أو متابعته قضائيا  باسم نفس القانون الذي لم يشرع بالضرورة لحماية المستضعفين في عالمنا العربي..
       و في الختام إن أعددت عُدتك، و اتضحت لك المعالم، وتأججت في أعماقك الحسرة على المظالم، لاشك سوف تتعلم كيف تصبح على الأقل "مشاغبا منضبطا، ومزعجا بالقانون" لخصوم الحرية و حقوق الإنسان، آنذاك  سيغدو بإمكانك يا صاح أن تبسط أشرعة نضالك في اتجاه رياح التغيير المُسخّـرة من المحيط الى الخليج، عسى أن ترسو مراكبك قريبا على شطآن الحرية و الانعتاق، و تسهم و لو بجهد المُقِـل في فكاك الرقاب المُسترَقَّة.
  فلا اقتحم العقبة! و ما أدراك ما العقبة؟ فَـكُّ رقبه..!

محمد لبَّيهي، باحث في خصائص الخطاب الشرعي و الحوار بجامعة محمد الخامس بالرباط   

المقال منشور على:
  موقع هسبريس:  http://hespress.com/opinions/70259.html
 موقع شبكة المدونون العرب: http://mudwen.com/index.php?act=post&id=1171
موقع اتحاد المدونين العرب: http://arabictadwin.maktoobblog.com/1621115/%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%84%D8%A3%D8%AC%D9%84-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86/
موقع صحراء بريس: http://4non.net/news8473.html